الخميس، 15 أغسطس 2013
6:04 ص

هل يقامر قادة الجيش المصري بوطنهم؟

بقلم:عبد المجيد يوسفي
صفحات مشرقة سطرها الجيش المصري في تاريخ الأمة الاسلامية، في العاشر من رمضان 1393ه/6أكتوبر1973م في جهاده البطولي ضد الكيان الصهيوني، حيث كسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر،رافعا في أوج المواجهة شعارات "الله أكبر الله أكبر" لتتساقط تحصينات العدو الصهيوني واحدة تلو الأخرى أمام ضربات الجيش المصري في طريق عبوره  لقناة السويس،راسما بانتصاره قوة مصرفي التحام الجيش مع الشعب.
ليسجل الجيش بعدها صورة مشرقة في تاريخ مصر الراهن بوقوفه الى جانب الشعب المصري وإرادته الحرة، في ثورته العظيمة يوم 25يناير2011 لإسقاط نظام الطاغية مبارك،منحازا الى خيار الشعب ومطالبه.
لكن بداية تغير مسار الجيش المصري في تعامل قيادته مع نتائج ثورة 25 يناير في 2011،رافق تدبيره –أي الجيش-للمرحلة الانتقالية حيث شوش على سيرها وأدارها لصالحه وساهم في الغموض الذي عرفته، مما كان له بالغ الآثر في تعقيد ترتيب البيت الداخلي المصري ،حيث عرفت هذه المرحلة بضبط انقساما حادا بين مكونات المشهد السياسي المصري الليبرالي والإسلامي منه،الى جانب عودة فلول النظام السابق الى معترك الحياة السياسية بقوة.
انتهت المرحلة الانتقالية بأخطائها، لتبدأ معركة صناديق الاقتراع التي حسمت لصالح الاسلاميين رغم تشتت أصواتهم أمام تعدد المرشحين منهم ،لكن المفاجئة هي الفارق البسيط في الأصوات بين أحد وجوه الحرس القديم والرئيس "مرسي"،حيث اتضح أن قوى نظام القديم قد وحدت صفوفها واستفذت من الماكينة الاعلامية الضخمة التي شوهت الاسلاميين الى جانب علاقتها بقيادات الجيش المصري وأركان النظام القديم.
هذه الصورة من تآمر ستتكامل ملامحها مع السنة الأولى من حكم" مرسي" حيث سترفض مجموعة من الأطراف المشاركة في تحمل بناء الدولة ومعالجة الارث الثقيل من الظلم الذي خلفه النظام البائد،بل عملت هذه القوى على عرقلة مسيرة التغيير واقتناص أخطاء الرئيس "مرسي" وتضخيمها وشن حرب اعلامية بكل ما للكلمة من معنى ضده، مستفيدة من أجواء الحرية ومن الأسطول الاعلامي الذي ظل يمتلكه أتباع النظام البائد ،كل ذلك أكد أن الذي سقط هو رأس النظام أما أركانه-خاصة المؤسسة العسكرية- فلا زالت تشتغل للعودة الى المربع الأول.
وأمام الشرعية الانتخابية والشعبية والثورية التي يمتلكها الرئيس "مرسي" لم يبقى لتلك الأطراف الى البحث عن خلق واقع مغاير في مصر يزيح الاسلاميين عن ركب السلطة خصوصا أمام تخوف قوى اقليمية عربية من المد الاسلامي وإدراك الأحزاب العلمانية واليسارية استحالة هزيمة الاسلاميين عبر انتخابات حرة، لرصيدهم الشعبي والجماهيري الذي راكمه عبر عقود  من التغلغل في الشعب وخدمته،الى جانب كون العدو الصهيوني أكبر متخوف من وصول الاسلاميين الى السلطة وما يمثله ذلك من انحياز القيادة المصرية الجديدة وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني في محنته خاصة قطاع غزة، بل تجاوز الرئيس مرسي دعم الشعب الفلسطيني الى وقفة شامخة مع الشعب السوري في حرب الابادة وتكالب الاقليمي وتواطئ الدولي على قضيته.
لذلك تلاقت رغبة قوى النظام السابق والتيارات العلمانية مع دول عربية ومصالح أجنبية الى جانب تخوف الكيان الصهيوني على وأد الديمقراطية الجديدة في مصر وازاحة الرئيس "مرسي"عبر مؤسسة الجيش التي يعهد اليها حماية الوطن والحفاظ على وحدة الشعب، لكن في مصر انحازت الى خيار المقامرة بالوطن عبر الانقلاب على الشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس مرسي بل لم يكتفوا بذلك حيث عملوا على محاولة ادخال مصر في متاهات حرب أهلية من خلال المجازر التي ارتكبت  ضد المطالبين بعودة مرسي بل طالبوا بتفويض جماهيري لإراقة دماء أبناء الشعب المدافعين عن الشرعية.
ان ارتهان قادة الجيش للقرار المصري بيد الخارج وادخال الجيش في الصراع السياسي سيعمق الشرخ المجتمعي ان لم يبادر قادة من الجيش وطنيين على ترميمه والانحياز للشعب، سيدخل مصر في نفق مظلم، فلا خيار للشعب المصري سوى الصمود والثباث في الميادين والتمسك بالسلمية لاستكمال ثورة 25يناير وعودة الشرعية الدستورية التي يمثلها أول رئيس مدني منتخب "مرسي" الى جانب اسقاط بنية النظام القديم والمدافعين عنه والذين كشفوا عن قناعهم أمام الشعب بهذا الانقلاب.
ان المستفاد من الدرس المصري الى اليوم هو ضرورة الاجابة عن الأسئلة التأسيسية الكبرى المتعلقة بشكل الدولة والمجتمع الذي نريد ووضع ميثاق أخلاقي وسياسي متوافق عليه بين قوى التغيير وتحديد العلاقة مع مؤسسات النظام السابقة والقوى الدولية قبل الانتقال من الاستبداد الى الديموقراطية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق