الخميس، 15 أغسطس 2013
5:52 ص

من مأزق المعارضين الى خيبة أمل المشاركين

بقلم:يوسفي عبد المجيد
تفاعلت الذات المغربية مع التحولات الاقليمية التي شهدها الجوار العربي-الأمازيغي ،الذي حمل معه طوفانا جارفا لأنظمة استبدادية ،ظلت جاثمة على صدر الشعوب ردحا من الزمن.
ونتيجة لتأثر المغرب بهذه الأحداث وتشابه ظروفه مع دول الحراك،انبثقت من رحم الشعب حركة شبابية حملت اسم حركة 20فبراير لترسم حراك الشعب المغربي في مطالبه الأساسية الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، قامت على السلمية والاستقلالية عن الكيانات السياسية ،ومن أجل تبليغ مطالبها نظمت عشرات المسيرات في معظم مناطق المغرب،كان رد النظام المغربي الذي تمرس لقرون على احتواء ومواجهة الحركات المطلبية ،أن عمل على حصار الحركة وتشويهها خارجيا والتدخل العنيف فيما بعد لإيقاف تطورها، وداخليا زرع المشوشين وعمل على اذكاء التناقض بين القوى السياسية التي تقود الحراك خاصة بين اليسار الراديكالي والإسلام الجذري، والتي لم تكن في مستوى فهم اللحظة التاريخية ومتطلباتها لتتجاوز أخطاء الماضي.
فبدل أن تصعد الحركة من مطالبها وتتجذر في جسم الشعب ،ظلت حبيسة مطالب اجتماعية ومصبوغة بلون ايديولوجي واحد في شعاراتها ،مما سرع في تراجعها أمام محطات مصيرية كان لزاما على الحركة ابانها أن ترفع من سقف مطالبها، فوقع المعارضون في مأزق بين التحول من المطالب الاجتماعية الى المطالب السياسية الواضحة خاصة أمام مكون في الحركة حدد سقف مطالبها -الملكية البرلمانية-واعتبره مسألة حياة أو موت ،وهو ماترك المبادرة للمخزن الذي استغل هذا التراجع لتنميق صورته خارجيا وفي تسريع وثيرة احتواء الحراك من خلال اقرار دستور جديد الى اجراء انتخابات برلمانية، سمح فيها المخزن بصعود الاسلاميين عبر »ثورة الصناديق »، في تناغم مع وصول غيرهم من الاسلاميين الى الحكم في دول الربيع العربي.
لكن الآلة المخزنية التي انحنت للعاصفة ،عادت لتمارس هوايتها عبر التحكم في النسق السياسي بعد ما خفت وهج الحراك مع انسحاب قوى ديموقراطية منه،حيث عملت على حصار الحزب الفائز بأغلبية غير متجانسة ،وبدستور مفتوح على كل تأويلات بل قدمت له معطيات اقتصادية مزيفة بنى على أساسها الحزب برنامجه الانتخابي ،ليفاجأ بعدها الحزب بحجم الفساد الذي ينخر الدولة ،وبواقع اجتماعي معقد،ومديونية داخلية وخارجية ثقيلة وأمام احتجاجات اجتماعية يومية ،استعمل فيها الحزب باعتباره –الحاكم-كأداة لقمعها ،رغم ذلك ظل الحزب يقدم النوايا الحسنة وتنازلات ويعمل على تهدئة الجبهة الاجتماعية بانجازات عملت الماكينة الاعلامية المخزنية على تقزيمها.
كل ذلك لم يرضي المخزن ،الذي عمل على توجيه رسالة واضحة عبر تهديد حزب الاستقلال بالانسحاب ،أن حكومة المصباح تحت رحمة الملك،وهو ما شكل خيبة أمل للمشاركين من حجم المستنقع الذي تشتغل فيه حكومة ثورة الصناديق ومن كثرة الأشواك المعروضة في طريقها ،هكذا ستبقى حكومة بنكيران رهينة التدبير اليومي للأحداث،عاجزة عن رسم أفق مستقبلي لعملها أمام ائتلاف هش ومعارضة انتخابية مشوشة وعن تقديم انجازات مشرفة وهو ماسيزيد من عمر الفساد والاستبداد الذي رفع الحزب شعار اسقاطه .

0 التعليقات:

إرسال تعليق